منتدى جنة
منتدى جنة
منتدى جنة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


‏جمال الدنيا‏:‏ ينبع من عينيك‏ !
 
الرئيسيةمفاتيح جنةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 منروائع الأدب الفرنسي ... القصة القصيرة ( المجنونة ) للكاتب ... غي دي موباسان ...

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
لوجين
عضو فضى
عضو فضى
لوجين


ذكر عدد الرسائل : 1099
العمر : 34
السٌّمعَة : 5
نقاط : 55126
تاريخ التسجيل : 27/02/2010

منروائع الأدب الفرنسي ... القصة القصيرة ( المجنونة ) للكاتب ... غي دي موباسان ... Empty
مُساهمةموضوع: منروائع الأدب الفرنسي ... القصة القصيرة ( المجنونة ) للكاتب ... غي دي موباسان ...   منروائع الأدب الفرنسي ... القصة القصيرة ( المجنونة ) للكاتب ... غي دي موباسان ... I_icon_minitimeالأحد فبراير 28, 2010 10:37 pm

اسمعوا , قال ماتيو داندولين , إن دجاجات الأرض تذكرني بحادثة مأساوية
من أيام الحرب .
أنتم تعرفون مزرعتي الواقعة في ضاحية ( كورمي ) . كنت أسكن فيها
, حين وصل البروسيون . كان لي , في ذلك الوقت , جارة مجنونة , فقدت عقلها تحت وطأة
المصائب التي وقعت عليها .لقد فُقدت فيما مضى ؛ وهي في الخامسة والعشرين , وخلال
شهر واحد , أباها وزوجها وطفلها الرضيع .
عندما يدخل الموت بيتاً من البيوت
,يعود إيه مرة أخرى بشكل دائم تقريباً, وبطريق مباشر وكأنه يعرف الطريق إليه
.
هذه المرأة الشابة المسكينة التي صعقها الحزن , لازمت الفراش وأخذت تهذي لمدة
ستة أسابيع . ثم تبع هذه النوبة الحادة حالة من الإعياء الهادئ الذي أبقاها دون
حراك , لا تأكل إلا ولا تحرك سوى عينيها . في كل مرة كانوا يريدون رفعها عن السرير
, كان صراخها يرتفع , كما لو أنهم يقتلونها . لذلك , كانوا يتركونها دائماً مستلقية
ولا يسحبونها من أغطيتها إلا عند العناية بنظافتها وبقلب فراشها .
كانت خادمة
عجوز تبقى بجانبها , تسقيها الماء من وقت لآخر أو تطعمها قليلاً من اللحم البارد .
ما الذي يدور في خلد هذه النفس البائسة ؟ لم يعرف أحد ذلك قط , فهي لم تعد تتكلم .
هل كانت تفكر بالأموات ؟ هل كانت تسرح زينة بأفكارها دون أن يكون لها ذكريات محددة
؟ أم أن تفكيرها المنهك بقي دون حراك كالماء الراكد دون مجرى ؟
لقد بقيت على هذه
الحال خمس عشرة سنة ,منغلقة على نفسها وبلا حراك.

اندلعت الحرب , ودخل
البروسيّون كورمي في الأيام الأولى من شهر ديسمبر / كانون الأول .
لا يزال ذلك
الأمر ماثلاً أمام عينيّ كما لو حدث البارحة . كان الجليد قاسياً يذيب الحجر , وكنت
وقتها ممدداً على كنبة دون حراك بسبب مرض النِقرس , عندما سمعت وقع خطواتهم القوية
والمنتظمة . رأيتهم من خلال نافذتي وهم يمرون .
كانوا يسيرون في أرتال لا تنتهي
, وكلهم متشابهون بهذه الحركات الآلية التي يتميزون بها , وكأنهم دمى متحركة . ثم
وزع القادة هؤلاء الرجال على السكان . فكان نصيبي منهم سبعة عشر رجلاً . وكان
لجارتي المجنونة اثنا عشر رجلاً من بينهم قائد سرية . كان رجلاً فظاً , قاسي القلب
, ولا يرحم ...
في الأيام الأولى , مر كل شيء بشكل طبيعي . كان قائد السرية قد
أُخبر بأمر المرأة المريضة التي تسكن بالجوار , ولم يعبأ بالأمر ... ولكن , بعد مضي
فترة من الوقت أسخطه ألا يرى هذه المرأة أبداً , فبدأ يستفسر عن مرضها . قيل له :
إن مضيفته هذه طريحة الفراش منذ خمس عشرة سنة نتيجة فاجعة ألمّت بها . لكنه بدون شك
لم يقتنع بهذا الكلام , وتصور أن المرأة المسكينة لا تترك سريرها , لأنها متغطرسة
ولا تريد أن ترى الروسيين ولا التكلم معهم ولا الاحتكاك بهم .
فأصر على أن
تستقبله . فأُدخل غرفتها . طلب منها بصوت أجش : أرجو منك يا سيدتي أن تنهضي من
سريرك لنراكِ ونتحدث إليك . "
أدارت نحوه عينيها الزائغتين , عينيها الفارغتين ,
دون أن ترد عليه . فأعاد الطلب قائلاً : " لا أسمح بهذه الوقاحة , إذا لم تنهضي
بإرادتك , سأجد وسيلة تجعلك تتحركين وحدك . "
لكنها لم تحرك ساكناً , وبقيت بلا
حراك وكأنها لم تره . فاستشاط غضباً , ظناً منه أن ذلك الصمت المطبق دليل احتقار
إليه , وأضاف قائلاً : " إن لم تنهضي غداً ... " ثم خرج من الغرفة .
وفي الغد ,
أرادت الخادمة العجوز أن تلبسها ثيابها , ولكن المريضة أخذت بالعويل وهي تخبط
بيديها , فصعد الضابط مسرعاً فارتمت الخادمة عند قدميه متضرعة : " إنها لا تريد يا
سيدي , إنها لا تريد ... سامحها , إنها حقاً بائسة . "
وبقي الجندي , رغم غضبه ,
حائراً لا يجرؤ على إعطاء الأمر لرجاله بإخراجها من السرير . وفجأة , انفجر بالضحك
وأعطى أوامر بالألمانية لرجاله .
بعد قليل رأينا مفرزة تخرج وتحمل فراشاً كما
يُحمل الجريح . في هذا الفراش الذي بقي على حاله , كانت المجنونة تتمدد صامتة هادئة
, وهي لا تبالي بما يجري حولها , طالما أنها تركت مستلقية . وكان في الخلف رجل يحمل
صر من الملابس النسائية .
أردف الضابط وهو يفرك راحتيه قائلاً : " سنرى جيداً إن
كنت لا تستطيعين تغيير ثيابك لوحدك , سنقوم بنزهة قصيرة . "
ثم رأينا الحشد
يبتعد باتجاه غابة ( دي موفيل ) .
عاد الجنود بعد ساعتين بمفردهم .
ولم نعد
نرى المرأة المجنونة . ماذا فعلوا بها ؟ إلى أين أخذوها ؟ لا أحد يعلم من الأمر
شيئاً ...
وفي يوم عاصف تساقط الثلج ليل نهار , وغطى السهل والغابة بوشاح إسفنجي
جليدي . أما الذئاب فكانت تصل بعوائها حتى أبواب منازلنا .
ولازمتني فكرة اختفاء
المرأة الضائعة وشغلت تفكيري . فقمت ببعض المساعي ,لدى السلطات البروسية , للحصول
على بعض المعلومات عنها. كدت أُقتل رمياً بالرصاص بسبب ذلك .
عاد الربيع ,
وانحدر جيش الاحتلال . وبقي منزل جارتي المجنونة مقفلاً . وغطى العشب الممرات
.
لقد ماتت الخادمة العجوز خلال فصل الشتاء . ولم يهتم أحد بهذه القضية . وكنت
أنا الوحيد الذي شغل باله بها بدون توقف . ماذا فعلوا بهذه المرأة ؟ هل هربت في
الغابة ؟ هل وجدها أحد ووضعها في مستشفى دون أن يتمكن من الحصول على أي معلومات ؟
لا شيء خفف من شكوكي . لكن مرور الزمن شيئاً فشيئاً هدأ من هموم قلبي .
في
الخريف التالي عادت دجاجات الأرض بأسرابها . ووجدت الفرصة سانحة لأجر نفسي إلى
الغابة بعد أن سمح لي داء النقرس بذلك ... بعد أن أسقطت أربعة أو خمسة من الطيور
ذلت المنقار الطويل , أصبت واحداً منها وقع في حفرة مغطاة بالأغصان .
كان علي أن
أنزل لأفتش عنه , فوجدته بالقرب من جمجمة . وفجأة تذكرت المرأة المجنونة وكأن ضربة
أصابت القلب مني . لا شك أن الكثيرين في تلك السنة المشؤومة انتهى بهم الأمر إلى
الموت في هذه الغابة . ولكن لا أدري لماذا , كنت على يقين تام , أقول لكم على يقين
تام, من أنني أمام جمجمة تلك البائسة المخبولة .
وفجأة فهمت , وعرفت كل شيء .
لقد تركوها على هذا الفراش , في الغابة الباردة المعزولة , ولما كانت وفية للهاجس
الذي كان يمتلكها , فقد تركت نفسها تموت تحت وسادة الثلج الناعم والكثيف دون أن
تحرك ذراعاً أو ساقاً .
ثم التهمتها الذئاب . أما العصافير , فقد جعلت من فراشها
الممزق أعشاشاً لها .
لقد احتفظت بهذه العظام البائسة . وأنا أتمنى الآن ألا
يعرف أبناؤنا الحرب أبداً ...

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
لولا
عضو فضى
عضو فضى
لولا


انثى عدد الرسائل : 1568
العمر : 36
السٌّمعَة : 5
نقاط : 56603
تاريخ التسجيل : 16/11/2009

منروائع الأدب الفرنسي ... القصة القصيرة ( المجنونة ) للكاتب ... غي دي موباسان ... Empty
مُساهمةموضوع: رد: منروائع الأدب الفرنسي ... القصة القصيرة ( المجنونة ) للكاتب ... غي دي موباسان ...   منروائع الأدب الفرنسي ... القصة القصيرة ( المجنونة ) للكاتب ... غي دي موباسان ... I_icon_minitimeالثلاثاء مارس 02, 2010 4:34 am

منروائع الأدب الفرنسي ... القصة القصيرة ( المجنونة ) للكاتب ... غي دي موباسان ... 499915
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أنوس
عضو فضى
عضو فضى
أنوس


انثى عدد الرسائل : 1406
العمر : 39
السٌّمعَة : 6
نقاط : 56723
تاريخ التسجيل : 20/10/2009

منروائع الأدب الفرنسي ... القصة القصيرة ( المجنونة ) للكاتب ... غي دي موباسان ... Empty
مُساهمةموضوع: رد: منروائع الأدب الفرنسي ... القصة القصيرة ( المجنونة ) للكاتب ... غي دي موباسان ...   منروائع الأدب الفرنسي ... القصة القصيرة ( المجنونة ) للكاتب ... غي دي موباسان ... I_icon_minitimeالأربعاء مارس 03, 2010 9:00 am

منروائع الأدب الفرنسي ... القصة القصيرة ( المجنونة ) للكاتب ... غي دي موباسان ... 0163
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
منروائع الأدب الفرنسي ... القصة القصيرة ( المجنونة ) للكاتب ... غي دي موباسان ...
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أمير الأدب الفرنسي
» الشاعر الفرنسي Louis Aragon
» انواع الأدب في العالم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى جنة :: المنتدى العلمى والثقافى :: منتدى الاداب والفنون-
انتقل الى: