لماذا يخافون من العملاق

انظروا لكلام هذا الكاتب
الحمد لله رب العالمين , وعد المؤمنين بالتمكين , وتوعد الكافرين بالخسران المبين , والصلاة والسلام على من بعثه الله – تعالى – رحمة للعالمين , وعلى آله وسلم

فإن أسئلة كثيرة تدور في أذهان الكثيرين من أبناء هذه الأمة :

· لماذا تتعرض الأمة الإسلامية في هذه الأيام لهجمات مسعورة , يشترك فيها كل أعداء الإسلام جميعهم في الشرق والغرب على السواء ؟
· لماذا تزداد هذه الهجمات شراسة كلما ظهرت في بلاد الإسلام صحوة إسلامية ؟
· لماذا تكال الضربات العنيفة للاتجاه الإسلامي في كل مكان ؟
· لماذا يتفق أصحاب الشعارات , والمبادئ المتناقضة على هذا الموقف العدائي للإسلام والدعاة إليه ؟
· لماذا تضرب الاتجاهات الإسلامية كلما أراد العدو تنفيذ مؤامرة من مؤامراته في ديار الإسلام ؟
· لماذا تصفى القيادات والشخصيات الإسلامية المؤثرة بالإعدامات والاغتيالات ؟
· لماذا يحذر الأعداء أن تتعانق القوة العسكرية مع قوة الإيمان والعقيدة ؟
· لماذا خُصت بلاد الإسلام بالمؤامرات والكيد الكُبّار ؟
· لماذا تُثار الشبهات حول الإسلام ومبادئه ومناهجه وعقائده وأحكامه ؟
· لماذا هذا الاهتمام الكبير الذي أولاه أعداؤنا للبقاع التي يقطنها المسلمون , حتى غمروها بالمبشرين والمستشرقين , وجعلوها تحت مجاهرهم , وأغرقوها بعملائهم ومخابراتهم ؟
· لماذا تلك الحملات الشعواء التي تشنها صحافة الغرب والشرق على الإسلام والدعاة إليه ؟
· لماذا تُغزى بلاد الإسلام بالأفكار والمبادئ , والنظريات المعادية للإسلام جنباً إلى جنب مع المؤسسات التي تسهم في القضاء على الأخلاق والقيم , وتدعم الممارسات الشهوانية المحطمة لقوى الشباب , المستنزفة لطاقاتهم ؟

إن هذه التساؤلات كلّها يجيبها : (( إنّهم يخافون من الإسلام )) .
نعم يخافون من هذا العملاق الذي ربّى أبناءه على أن يبذلوا في سبيله كل غال ورخيص , حتى لو كان ذلك على حساب الجماجم والأشلاء .

أيها الإخوة في الله :
لقد عرف الغرب الكافر أن الإسلام هو الجدار الصلب الذي يقف أمام خطتهم لتدميره , عرفوا أنه يعطل عليهم مسيرتهم نحو تحقيق سيطرتهم على العالم .
نعم .. لقد عرفوا ذلك وأدركوه من خلال تجربه ودراسة .

عرفوه يوم حاولوا السيطرة على الأمة في الحروب الصليبية , فبرز لهم الإسلام في شخص صلاح الدين الأيوبي – رحمه الله – ذلك البطل المسلم الذي حطم كبرياءهم , وأرغمهم على التراجع الذليل .

وعرفوا ذلك في أبطال الجزائر , أولئك الرجال الذين لقنوا الفرنسيين درساً لن ينسى مهما طال الزمان .

لقد عرفوا هذه الحقيقة المرة على قلوبهم في كل مرة برز لهم الحاملون لراية الإسلام بحق وصدق .

أسباب خوفهم من الإسلام

أيها الإخوة الكرام :
لقد درس أعداؤنا من الكافرين وأذنابهم الإسلام , وعرفوا النوعية التي يخرجها هذا الدين , وعوامل البناء فيه , وعناصر القوة في عقائده ومناهجه , فتأكدت لهم النتيجة التي خرجوا من تجاربهم المريرة مع المسلمين , وأيقنوا أن تقدمهم نحو السيطرة على العالم , وتحقيق مآربهم في استذلال العباد مرهون بغيبة الإسلام وجنده الصادقين .
لقد وجدوا في هذا الدين سياجاً لا تخترقه مكائدهم , وغذاء لا تفسده سمومهم , وأتراساً لا تخترقها سيوفهم ورماحهم , وقلاعاً عزيزة على مدافعهم وصواريخهم , فكيف لا يخافون منه , ويحسبون له ألف حساب وحساب ؟!!

* إنهم يخافون من الإسلام لأنه يضع أمة قال عنها ربها ومالكها (( إنّ هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون )). سورة الأنبياء – آية 92 .

أنهم يخافون أن يعود الإسلام إلى الأمة التي مزقوها , فيفعل فيها كما فعل بالعرب قبل أربعة عشر قرناً حين كانوا في فرقة واختلاف وتبعية , فصاروا بعد الإسلام أمة واحدة , قد ساروا جميعاً على درب واحد , يعظمون إلهاً واحداً , حتى بسطوا سلطان العدل على معظم بقاع الأرض في ذلك الزمان .

* وهم يخافون من الإسلام , لأنه ينفث في روع أبنائه حكاماً ومحكومين , رجالاً ونساءً , كباراً وصغاراً , روح القيادة والأستاذية على العالم كله , ويجليها بجميع المؤهلات التي تمكنها من استلام هذا المنصب : مؤهلات العدل ومحاربة الظلم والفساد والجريمة .

* ويخافون من الإسلام لأنه يصنع قادة لا يُخدعون , قادة قد أعدهم الإسلام إعداداً معاكساً لما يريده هؤلاء , شعارهم إذا مكنوا في الأرض : إقامة الصلاة , وإيتاء الزكاة , والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , ولذا تراهم يسعون بلا ملل إلى أن يفرضوا على المسلمين حكاماً يكون ولاؤهم كله لهم حتى يجلبوا لأنفسهم وأمتهم الخزي والعار والشنار .

* ويخافون من الإسلام , لأنه يربي في نفوس أتباعه عقيدة الجهاد , وينكر عليهم أخذ الراحة والخلود إلى الأرض : (( (( يا أيّها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله أثّاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل . إلا تنفروا يعذبكم عذاباً أليماً ويستبدل قوماً غيركم ولا تضروه شيئاً والله على كل شيء قدير )). سورة التوبة – الآيتان 38 , 39 .

وكيف لا يخافون من الإسلام , وهو يأمر أتباعه بقتال المشركين وملاحقتهم وحصارهم والتضييق عليهم فيقول : (( فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد ... )). سورة التوبة , الآية 5 ... ويقول : (( قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم .. )). سورة التوبة – الآية 14 .

وكيف لا يخاف اليهود والنصارى من الإسلام , وهو الدين الذي يأمر أتباعه وجنده بمقاتلتهم حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون : (( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون )). سورة التوبة – الآية 29.

وكيف لا يخافون من دين يوحد أتباعه , ويرصّ صفوفهم ولا يترك بينهم مطمعاً لطامع , ولا منفذاً لعدو , ويأمرهم بقطع الولاء لكل كافر : (( لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادّون من حادّ الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم )). سورة المجادلة – الآية 22.

وكيف لا يخافون من دين يخرج أناساً يتنافسون على الموت في سبيل الله , ويعدون ذلك أغلى أمانيهم , وأغلى مطالبهم !

نعم ... أيها الإخوة : كيف لا يخاف أعداء أمتنا من الإسلام , وتلك هي مناهجه في تربية الأجيال , وصناعة الأبطال .