الشاعر
الطبيب
ابراهيم
ناجى
مولده
ولد
الشاعر إبراهيم ناجي في حي شبرا بالقاهرة في اليوم الحادي والثلاثين من شهر ديسمبر
في عام 1898، وكان والده مثقفاً مما أثر كثيراً في تنمية موهبته وصقل ثقافته، ولد
إبراهيم ناجي فزاد أهل شبرا واحدا, وزاد أهل مصر زيادة لا تحصي لأن الوليد شاعر,
وما بالقليل في الأمة أن يولد فيها شاعر موهوب
نشأته
,قرأ
ناجي مبكرا بفضل والده ... أوليفر تويست, كما سمع قصص شرلوك هولمز, وقصص رايدر
هاجارد, وقرأ معه والده ديكنز.
ومن الطريف أن قصة ديكنز ديفيد كوبرفيلد
استغرقته.
يقول ناجي:
إن قصة ديفيد كوبرفيلد تذكرني بعودة الروح
لتوفيق الحكيم, لا شيء غير الصدق والواقع.. قصة غرام قد تنتهي إلي لاشيء لكنها في
الحياة كل شيء.
قصة غرام ديكنز بالفتاة دورا التي كان لا يقول
إنها حبيبته, بل كان يسميها وجوده النفيس.. أقول أبدع وصف في لغة الهوي
الرفيع.
إذن لم تكن حبيبته فحسب, بل كانت وجوده كونه الملهم وحبه
الصافي.
شعور ناجي هذا وهو في العاشرة من عمره عندما قرأ القصة لأول مرة, ينم عن
ذكاء حسه, وصفاء نفسه المطبوعة علي الحب, المهيأة له, لقد غاص الصغير في أعماق
الفنان الكبير ووعي قصده وما بالقليل هذا, وهيهات أن يتذوق العمل الفني شخص غير
مزود ولو بقبس مما وهبه الفنان من موهبة الفن بما تمنحه من حس
ونفاذ.
وهكذا كان اليافع ابن الثانية عشرة يدرك مرامي القول الفني ويحس
جماله.
وتطلع ناجي إلي رؤية الشاعر خليل مطران فإذا به يراه في منزل صديق من
أصدقاء والده.
لقد لمعت في ذهن ناجي فكرة.. وإذا به ينطلق في
إنشاد شعر مطران فلا ينتهي من قصيدة إلا ليبدأ أخري, والحاضرون مأخوذون بجمال الشعر
أو بروعة المفاجأة, لست أدري وإذا بمطران يبكي من فرط التأثر وأخذ يقبل الشاعر
الصغير وهو يقول في راحة المطمئن, ورضا الآمن بعد خوف: الآن أموت
مسرورا.
وممن قرأهم ناجي وتأثر بهم الشاعر الإنجليزي الكبير شكسبير, لقد كان يحفظ
رواياته, بل كان يجيد تمثيلها.
حياته
الشعريه
وقد تخرج
الشاعر من مدرسة الطب في عام 1922، وعين حين تخرجه طبيباً في وزارة المواصلات ، ثم
في وزارة الصحة ، ثم مراقباً عاماً للقسم الطبي في وزارة الأوقاف.
- وقد
نهل من الثقافة العربية القديمة فدرس العروض والقوافي وقرأ دواوين المتنبي وابن
الرومي وأبي نواس وغيرهم من فحول الشعر العربي، كما نـهل من الثقافة الغربية فقرأ
قصائد شيلي وبيرون وآخرين من رومانسيي الشعر الغربي.
- بدأ
حياته الشعرية حوالي عام 1926 عندما بدأ يترجم بعض أشعار الفريد دي موسييه وتوماس
مور شعراً وينشرها في السياسة الأسبوعية ، وانضم إلى جماعة أبولو عام 1932م التي
أفرزت نخبة من الشعراء المصريين والعرب استطاعوا تحرير القصيدة العربية الحديثة من
الأغلال الكلاسيكية والخيالات والإيقاعات المتوارثة .
- وقد
تأثر ناجي في شعره بالاتجاه الرومانسي كما اشتهر بشعره الوجداني ، وكان وكيلاً
لمدرسة أبوللو الشعرية ورئيساً لرابطة الأدباء في مصر في الأربعينيات من القرن
العشرين .
وقد قام
ناجي بترجمة بعض الأشعار عن الفرنسية لبودلير تحت عنوان أزهار الشر، وترجم عن
الإنكليزية رواية الجريمة والعقاب لديستوفسكي، وعن الإيطالية رواية الموت في إجازة،
كما نشر دراسة عن شكسبير، وقام بإصدار مجلة حكيم البيت ، وألّف بعض الكتب الأدبية
مثل مدينة الأحلام وعالم الأسرة وغيرهما.
- واجه
نقداً عنيفاً عند صدور ديوانه الأول من العقاد وطه حسين معاً ، ويرجع هذا إلى
ارتباطه بجماعة أبولو وقد وصف طه حسين شعره بأنه شعر صالونات لا يحتمل أن يخرج إلى
الخلاء فيأخذه البرد من جوانبه ، وقد أزعجه هذا النقد فسافر إلى لندن وهناك دهمته
سيارة عابرة فنقل إلى مستشفى سان جورج وقد عاشت هذه المحنة في أعماقه فترة طويلة
حتى توفي في الرابع والعشرين من شهر مارس في عام 1953.
- وقد
صدرت عن الشاعر إبراهيم ناجي بعد رحيله عدة دراسات مهمة، منها: إبراهيم ناجي للشاعر
صالح جودت ، وناجي للدكتورة نعمات أحمد فؤاد ، كما كتبت عنه العديد من الرسائل
العلمية بالجامعات المصرية .
ومن أشهر
قصائده قصيدة الأطلال التي تغنت بها أم كلثوم ولحنها الموسيقار الراحل رياض
السنباطي .
وكتب قصيدة "الأطلال" لفتاة كان يحبها في فترة المراهقة، يصف فيها حاله
وهي القصيدة التي أدت إلى اتساع شهرته بين أقرانه الرومانسيين من شعراء مدرسة
"أبوللو".
اهم
اعماله
له
العديد من المؤلفات النثرية مثل "مدينة الأحلام"، ثم "كيف تفهم الناس" وصدر في
1945، "توفيق الحكيم الفنان الحائر" الذي كتب فيه إبراهيم ناجي الفصل الأخير فقط
وصدر عام 1945، والكتاب الرابع "ليالي فينسيا" الذي شاركه في كتابته صديقان له، ثم
أصدر الكتاب الخامس "أدركني يا دكتور" وهو مجموعة من القصص القصيرة عام 1950،
والكتاب السادس "رسالة الحياة" سنة 1952 ، والكتاب السابع والأخير "عالم الأسرة".
توفي في 24/3/1953.
ومن
دواوينه الشعرية :
وراء
الغمام (1934) ، ليالي القاهرة (1944)، في معبد الليل (1948) ، الطائر الجريح
(1953) ، وغيرها . كما صدرت أعماله الشعرية الكاملة في عام 1966 بعد وفاته عن
المجلس الأعلى للثقافة.
وفاته
توفى فى
24 / 3 / 1953
- وقد
صدرت عن الشاعر إبراهيم ناجي بعد رحيله عدة دراسات مهمة، منها: إبراهيم ناجي للشاعر
صالح جودت ، وناجي للدكتورة نعمات أحمد فؤاد ، كما كتبت عنه العديد من الرسائل
العلمية بالجامعات المصرية .
وكان
يسمونه شاعر الآهات ..والجراح المستمرة..كان ينقل أحاسيس مرضاه إلى قصائد جميلة
..وامتدت أليه عدوى الألم فعاش ومات متألما.
من
اشعاره
عاصفة
روح
=========
(
الزورق يغرق والملاح يستصرخ )
أَيْنَ
شَطُّ الرَّجَـاءْ يَا عُبَابَ الهُمُومْ
لَيْـلَتِـي أَنْـوَاءْ
وَنَهَارِي غُيُـومْ
* * *
أَعْوِلِـي يَا جِـرَاحْ
أَسْمِعِي الدَّيَّـانْ
لا يَهُـمُّ الرِّيَـاحْ زَوْرَقٌ غَضْبَـانْ
*
* *
البِلَـى وَالثُّقُـوبْ فِي صَمِيمِ الشِّرَاعْ
وَالضَّنَى وَالشُّحُوبْ وَخَيَالُ الـوَدَاعْ
*
* *
إِسْخَرِي يَا حَيَـاهْ قَهْقِهِي يَا رُعُودْ
الصِّبَـا لَـنْ أَرَاهْ وَالْهَوَى لَنْ
يَعُودْ
* * *
الأَمَانِـي غُـرُورْ فِي فَمِ البُرْكَـانْ
وَالدُّجَـى مَخْمُورْ وَالرَّدَى سَكْـرَانْ
*
* *
رَاحَـتِ الأَيَّـامْ بِابْتِسَامِ الثُّغُـورْ
وَتَوَلَّـى الظَّـلامْ فِي عِنَاقِ الصُّخُورْ
*
* *
كَانَ رُؤْيَـا مَنَـامْ طُيْفُكِ الْمَسْحُورْ
يَا ضِفَافِ السَّـلامْ تَحْتَ عَرْشِ
النُّورْ
* * *
إِطْحَنِـي يَا سِنِيـنْ مَزِّقِـي يَا حِرَابْ
كُلُّ بَـرْقٍ يَبِيـنْ وَمْضُـهُ كَذَّابْ
*
* *
إِسْخَرِي يَا حَيَـاهْ قَهْقِهِي يَا غُيُوبْ
الصِّبَـا لَـنْ أَرَاهْ وَالْهَوَى لَنْ
يَؤُوبْ
* * *
=========
الحنين
أمسى
يعذبني ويضنيني شوقٌ طغى طغيانَ مجنون
أين
الشفاء ولمَ يعد بيدي إلاَّ أضاليلٌ تداويني
أبغي
الهدوء ولا هدوء وفي صدري عبابٌ غير مأمون
يهتاج إن
لَجَّ الحنين به ويئن فيه أنينَ مطعون
ويظل
يضرب في أضالعه وكأنها قضبان مسجون
ويحَ
الحنين وما يجرعني من مُرِّه ويبيت يسقيني
ربيتُه
طفلاً بذلتُ له ما شاء من خفضٍ ومن لينِ
فاليوم
لمّا اشتدّ ساعدُه وربا كنوارِ البساتينِ
لَم يرضَ
غير شبيبتي ودمي زاداً يعيشُ به ويفنيني
كم ليلةٍ
ليلاءَ لازمني لا يرتضي خلاً له دوني
ألفي له
همساً يخاطبني وأرى له ظلاً يماشيني
متنفساً
لهباً يهبُّ على وجهي كأنفاسِ البراكينِ
ويضمُنا
الليلُ العظيمُ وما كالليلِ مأوى للمساكينِ
============
قيثارة
الألم
إن حان
لحنُ الختامْ صار النشيدُ دعاءْ
مرّ
الهوى في سلامْ فلنفترق أصدقاءْ
سرٌّ
وراء الظنونْ أظلّني وأضاءْ
لم أدرِ
ماذا يكونْ ولم أسَلْ كيف جاءْ
ما بين
ضحكِ الرياحْ وقهقهات الغيوبْ
ولّى
خيالٌ وراحْ وحلَّ ظلٌّ غريبْ
يا ذنبُ
فات المتابُ لما تحطَّمَ صرحي
ما لي
عليها عتابُ إني أعاتبُ جرحي
وهذه
قيثارتي ذاتُ الشجى والأنينْ
وهذه
أوتاري أصرتِ لا تطربينْ؟
يا كم
شدوتُ بلحني ما بين حزني ودمعي
ما باله
طيَّ أذني لكنْ غريباً لسمعي